حكاية عين

اشراف الباحث عدنان جدي


- يُعنى مختبر « حكاية عين » بتحليل الصورة و فنونها. و لكن لماذا « حكاية عين » ؟ لأنّ لكلّ صورة تاريخ تكتبه و تاريخ آخر تتناساه. و لأنّ لكلّ عين، زائغة أو مغشيّة، أكثر من واقعٍ لرصد تمثلاتنا المتباينة، و أقلّ من ردهةٍ لإلتقاط أبصارنا المتمايزة.
« حكاية عين » لأن الصورة تروي الأشياء على نحوها الخاص، لأنها تعيد توزيعها عوض الإكتفاء بعرضها كما هي، لأنّها تزرع السؤال في بؤرة العين و تنتشل منها إعجاز الحكي. و لأنّ العين، كل عينٍ، تقف حجاباً بيننا و بين صورنا، و ليس العكس، فإنّ هذا المختبر يسعى إلى التدريب على قراءة الصورة الفنية و تحليل أنظمتها إنطلاقا من الفرضية التالية : بقدرما تمثّل الصورة أكثر الوسائط تداولاً في الأدبيّات المعاصرة، فإنّ مستويات تلقّيها تختلف بإختلاف تاريخها و أشكالها و سياقات عرضها و حركتها. و بمأنها تقتضي أن لا يتعيّن المرئيّ إلاّ من خلال وضعية الرائي أو موقف المتلقي، فهي تستدعي أدوات تحليل و تأطير تقوم من فهمها و إستيعابها مقام شرط الإمكان. و لكن ما هي الصورة ؟ و هل لها وجود مادي يميّزها عن سواها من الوسائط المرئية ؟ ما علاقة الصورة بالممارسات الفنية و الأدبيات المعاصرة ؟ و أيّ تاريخ تكتبه الصورة ؟ كيف تشتغل الصور، في السينما و التشكيل و الفوتوغرافيا و الكاريكاتور ؟ و كيف تنتج المرئيّ و تفضح اللامرئي ؟ أيّ منطق تصوغه فنون الصورة ؟ أهو منطق جامع شامل لا يستثني التفاصيل و لا يقصي ما لا تصيبه الأعين ؟ أم هو منطق مخصوصٌ تنتظمه قوانين الفصل و الوصل و الإفراد ؟ هل من الممكن فصل الصورة و إفرادها في غمرة الصور و أدفاقها التي يصعب اليوم حدّها نهائيا ؟ كيف ترتب الصورة علاقة المرئي بالمكتوب و بالخطاب ؟ هل للصورة سلطة ؟ أليست، في نفس الوقت، آداة مقاومة و نقد، متى تلقّفها الفن للوقوف ضد عسس السياسة و السلطان ؟ لا يتعلق الأمر في هذا المختبر بالإجابة دفعة واحدة عن هذه الأسئلة جميعها. بل حسبنا أن نثير بعضها و أن نستدلّ بالبعض الآخر من أجل محاورة الصورة المعاصرة من بعض جوانبها : التاريخية، الجمالية، و السياسية. ينقسم برنامج المختبر، في دورته الأولى، إلى ثلاث ورشات تمتدّ من جانفي إلى مارس 2015، بمعدّل أربع حصص لكلّ ورشة. تنطلق أنشطة المختبر بورشة « موجز تاريخ الصورة» لشهر جانفي، و هي ورشة تفاعليّة مع الجمهور في شكل مدخل إلى التاريخ غير الرسميّ للصور، أي تاريخها الآخر الذي تغافلت عنه البحوث الآكاديمية أو تناسته. تتطرّق هذه الورشة الأولى إلى تاريخ الصورة في السينما و الفنون التشكيلية و الفوتوغرافيا، إنطلاقا من اربعة زوايا للنظر : «الصورة النادرة»، «الصورة الناقصة»، «الصورة اللاّمرئية» و «الصورة المقتبسة». أمّا الورشة الثانية، ورشة « جماليات الصورة الفنية » لشهر فيفري، فهي تسعى إلى بسط بعض المفاهيم الأساسية و أدوات التحليل الضرورية لفنون الصورة، و ذلك من خلال أربع نماذج و هي «الصورة الوثائقية»، «الصورة الإشهارية»، «الصورة الإفتراضيّة» و «الصورة الكاريكاتوريّة». في حين تهتمّ الورشة الثالثة، لشهر مارس، بمناقشة «سياسات الصورة المعاصرة» من خلال تحليلات تطبيقية لنماذج مقتبسة من تاريخ الفن، و هي «الصورة النقدية»، «الصورة النمطيّة»، «الصورة المُراقبة» و «الصورة الأيقونة».